أخبار هامة
النعامة:إيزابيل ابرهارت،فارسة الرّمال التي اعتنقت الاسلام وعانقت الهويّة الصحراوية
الثلاثاء 26 أكتوبر 2021
آخر تحديث : الثلاثاء 26 أكتوبر 2021
موقع الجنوب الكبير
أحيت جمعية " صافية كتو للإبداع الثقافي " بالعين الصفراء ولاية النعامة الذكرى 117 لرحيل الكاتبة والصحفية العالمية إيزابيل ابرهارت ،فارسة الرّمال التي ادارت ظهرها لكل ما هو اوروبّي لتعتنق الدين الاسلامي وتناصر الجزائريين في قضيّتهم العادلة ابّان الاستعمار الفرنسي.
بحضور مثقّفين يحافظون على تخليد اسمها بتنظيم تظاهرات، وملتقيات عرفانا بما قدّمته بقلمها للمقاومة الجزائرية و للدّين الاسلامي معا.
هكذا ترسّخ سحر الجنوب في روح ايزابيل
تؤكد الأبحاث في حياة إيزابيل إيبرهارت، بأن الظّروف القاسية التي عانتها ابنة سويسرا في بلدها جعلتها تقررالابتعاد واختيار حياة البداوة بالصحراء الجزائرية خاصّة بعد وصولها ارض الجنوب.
إيزابيل إيبرهارت ولدت في جنيف في 17 من فبراير عام 1877 من أم روسية وأب أرميني من علاقة عابرة، وسُجلت مدنياً في سويسرا كلقيطة قبل أن تحمل اسم جدتها لوالدها ،وضعها الاجتماعي جعلها تعيش حياة بائسة، فقد تنكر لها إخوتها من أمها وأسقطوا حقها في الميراث، فلم تجد أمامها سوى التمرد سلاحاً تُجابه به قسوة الحياة، واتخاذ قرارات جريئة في هذا الصدد حسبما كتبه الباحث والروائي سعد الخطيبي في روايته المعنونة " بأربعون عاما في انتظار ايزابيل".
مع بدايات سنة 1897 قررت صحيفة الأخبار السويسرية، إيفاد إيزابيل إيبرهارت كصحفية لتغطية حياة الجزائريين في ظل الاستعمار الفرنسي الذي بدأ عام 1830 وفي هذا الصدد اعتبر بلعرج بوداود أستاذ التاريخ بجامعة بشار الجزائرية ، أن هذه الخطوة كانت بوابة لتغير حياة هذه الكاتبة الروائية والصحفية بالبقاء ء في الجزائر، وترك حياة أوروبا خاصّة بعد وفاة جدّتها.
وفي هذا قالت حينها: "إحساس رائع أن تعيش بسيطاً، فوق أرض طيبة وشعب لطيف، سأعيش بدوية طوال حياتي، عاشقة للآفاق المتغيرة والأماكن البعيدة الغير مستكشَفة، لأن كل رحلة حتى إلى المواقع المعروفة عند الجميع هي استكشاف.
وهو ما ذهب إليه الروائي سعد الخطيب الذي أقر بأن البحوث المكتوبة في هذا المجال أكدت عمل الصحفية كمراسلة للصحيفة السويسرية الأخبار، وبعدها تفرغت لتربية المواشي والأغنام وحياة البداوة.
بين النفي والعودة
تشير البحوث التي درست حياة إيزابيل إلى أنها كانت ترتاح للإسلام وذلك من خلال احتكاكها بالصوفيين القادريين، وهي فرقة إسلامية كانت تدافع عن حرية الوطن من ظلم فرنسا وتدعو إلى الاتحاد والثورة.
ولما اكتشف الفرنسيون حينها تعاون الكاتبة مع هؤلاء نفيت من قبل ادارة الاحتلال الى مدينة مارسيليا وهناك تعرفت على جندي فرنسي مسلم، كان في رحلة دائمة بين الجزائر وفرنسا ،اين تزوذجته عام 1901 لتحصل على الجنسية الفرنسة وحق العودة معا،وفي جانب زواجها تختلف الروايات لكنّ الأكيد اعتناقها الاسلام.
عادت الكاتبة الى ارض الوطن اين واصلت الدّفاع عن قضية الجزائريين معبّرة عن هويّتهم التي يتمسّكون بها ودفاعهم عن دينهم خضم الاستعمار الفرنسي ،وهذا ماظلّت تشهد له مقالاتها ومراسلاتها الصحفية وتأييدا للانتصارات التي حققها الشيخ بوعمامة ،وابرز ما كتبت باللّغة الفرنسية "اخبار الجزائر" ،"كتاب في ظل الاسلام الحار" ،وكذا عمّال النهار.
للجنوب ذاكرة لا تخون ولا تنسى
في يوم 21 أكتوبر/تشرين الاول من العام 1904، وبينما كانت إيزابيل وزوجها داخل بيتهما الطيني، إذا بسيول وادي عين الصفراء الذي كانا يتخذان منه مكاناً للاستقرار يفيض عن آخره، بعد أمطار طوفانية، جرفت البيت بما حوى.
تم العثور على جثمان إيزابيل تحت الأنقاض، وبين يديها كتاب بعنوان "المتسكع"، فيما نجا زوجها من موت كان محققاً.
وفي ذات المناسبة سطرت جمعية صافية كتو برنامجا ثقافيا وسياحيا متنوعا، منها تنظيم معرض للوحات الفنية للفنان التشكيلي "عبد القادر غراري" تحت عنوان "جذور " تميّز هذا المعرض بلوحات تعريفية لمدينة العين الصفراء وخصوصيتها.
كما نُظمت زيارة لقبر الراحلة المتواجد بمقبرة المسلمين بسيدي بوجمعة وكذا منزلها بوسط المدينة ، اين تم تسجيل شهادات عن هذه الراحلة وتاريخ المدينة.
بالاضافة الى تنظيم ندوة لقراء إصدار دردور أحمد تحت عنوان : “القصور إيزابيل وعلاقتها بالمدينة” سلط الضوء على جوانب من حياة هذه الشخصية وعلاقتها بالمدينة و بالسكان كما تمحورت تدخلات الحضور عن علاقتها بالثورة وبالدين الإسلامي.
كما اجمع عدد من الأدباء والمثقفين الذين حرصوا على تخليد ذكرى وفاة إيزابيل بولاية النعامة جنوب غرب الجزائر، لاستحضار هذه الشخصية بعد 117 عاماً من رحيلها ، إن شخصية ايزابيل كبيرة جداً، وانها خدمت الثورة ضد الاستعمار في الجزائر وناضلت من أجل الحرية، والإسلام بقلمها.
ودعا هؤلاء الى عدم الانصياع إلى بعض الشائعات التي كتبت بحقها لحول تعاونها مع الاستعمار الاستعمار الفرنسي وأنا كانت تبيع الثوار ،طالبين اصحاب الرّأي الآخر جمع الزاد المعرفي الكافي من كتابات مؤرّخين عربا وغربا قبل اصدار أي احكام تطعن في هذه الشخصية.
للاشارة فانّ جمعية " صافية كتو" بالعين الصفراء تحافظ على احياء هذه الذكرى كل سنة باعتبارها جسر تواصل بين الشعوب والثقافات إلى جانب التطرق لحياة الراحلة وعلاقتها بعدة مناطق كوادي سوف، القنادسة، تنس والعين الصفراء وعلاقتها بالثورة الجزائرية ومقاومة " الشيخ بوعمامة " وبـ " الجينرال ليوتي ".
داحي سمراء
ما رأيكم في مواضيع جريدة الجنوب الكبير؟
لا توجد تعليقات على هذا الموضوع