الفنان الراحل الشيخ عطاء الله..كان صوت الحقيقة المعدمة بأسلوب فكاهي
"ابقاي على خير يا هاذي الدشرة"
...قصيدة تمّ اعادتها كثيرا في محافل الشعر الشعبي..لكنّها بقيت ناقص حينما فارقت حنجرة صاحبها لتفصلها عنه اطنان من التّراب ،صاحبها الذي عبّر عن صوت المساكين بطريقته...صاحبها الذي فجّر براكينا من الغضب في وجه المسؤولين وسلاحه كان الشعر الفكاهي وفقط..
صاحبها الفنّان الشيخ "عطاء الله" الذي لا تزال ولاية الجلفة بجبالها ووديانها تردّد صدى صوته الذي لن يتكرّر..وهاهي ذي جمعيّته الولائيّة الثقافية تواصل على خطاه لتنظّم الطبعة الاولى للأيّام الوطنية للشعر الشعبي .
والبادية ،مستذكرة خصاله في خدمة التّراث.
من هنا بدأت مسيرته
ولد الفنان أحمد بن بوزيد المعروف بـ "الشيخ عطاء الله " في 31 ديسمبر 1970 بمنطقة ريفية تسمى " ديار محاد بن بوزيد " بعين الحجر بلدية الادريسية بولاية الجلفة ، حيث تلقى تعليمه الابتدائي هناك ثم انتقل إلى الادريسية أين حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ " شويحات ابراهيم " رحمه الله.
ليكمل دراسته بمتوسطة طاهري عبد القادر أين ظهرت أولى بوادره الفنية، لينتقل بعدها إلى الثانوية ، أين أسس رفقة مجموعة من الشباب أول فرقة مسرحية كانت لها عروض مميزة ، لينتقل بعدها الى مدينة الجلفة ويلتحق بمدرسة " الكونغ فو وو شو" للرياضة القتالية المفضلة وحاز منها على الحزام الاسود.
كما كان للمرحوم عديد الكتابات في أدب الطفل، ليواصل الشيخ عطا الله رحلته العصامية تجاه العاصمة في عام 1992 ليعمل منشطا اذاعيا لدى القناة الثالثة الفرنسية وعند تردي الاوضاع الامنية عاد ليشغل منصب مدير دار الشباب.
هكذا استنطق صوت الحرمان الاخرس..
يعرف عن الفنان عطاء الله احتكاكه الكبير بالطبقات المحرومة و احساسه بمعاناتهم ليقرّر ان يكون صوتهم الأخرس بأسلوب حاد و فكاهي في ذات الوقت ، ليلد إلى الوجود فنا لم يكن معروفا من قبل إنه فن المونولوج السمعي التي كانت له فيه عدة أشرطة يعرفها الجمهور الواسع للفنان من بينها " الدشرة ، جلول ، السكنات ،العوج واللوج ، الرشوة ، الدعم الفلاحي ،رسالة الى الوالي ، الحراقة ، التشريحيات ،كما كان لفلسطين وغزّة جزء من ابداعاته.
وبالموازاة مع ذلك كان ينشط الحصة الفكاهية التربوية " الفهامة" من إخراج محمد صحراوي والّتي لاقت رواجا كبيرا لمدة خمسة سنوات.
كما أطل علينا بالمسلسل التلفزيوني" أزرع ينبت " و"عمارة الحاج لخضر" وفيلم "التلغرام" .
هذا واستطاع ان يكسب ثقة من حوله ليكون صوت الحقيقة وجها لوجه امام السلطة العليا في البلاد في منصب نائب بالمجلس الشعبي الوطني عن ولاية الجلفة .
وكانت آخر أعمال المرحوم حصة " خيمة الشيخ عطالله" على قناة الشروق تي في، والّتي بثت خلال شهر رمضان، حققت نسبة مشاهدات كبيرة طيلة تلك الفترة وتفاعل معها الجمهور الذي تناقلها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في صورة ترسم قيمة الأعمال الإبداعية التي يقدمها الفنان الرّاحل .
ليغادر في حادث مرور أليم بولاية غرداية سنة 2016 حيث خسرت فيه الأسرة الفنية والإعلامية أحد أعمدتها الّذي لطالما زرع البسمة في وجوه المشاهدين بإطلالاته البهية.. إنه الشيخ عطا الله.
هكذا تحدّث عنه وسطه الفنّي
في إطار تظاهرة الشعر الشعبي والبادية التي نظّمتها الجمعية الولائية الثقافية للمرحوم الشيخ عطاء الله للمحافظة على التراث بالتنسيق مع مديرية الثقافة بالجلفة، تم استذكار هذه الشخصية الفنية التي أعطت الكثير للميدان الثقافي وحفظ التراث اللامادي من شعر وملحون وأصالة طيلة مشواره الفني .
وأثنى مدير دار الثقافة بن رشد " العيد جلال " خلال افتتاح التظاهرة التي حضرتها السلطات المحلية للولاية ، على خصال الشيخ عطاء الله ومآثره الفنية التي كان لها الأثر في الترويج للتراث المحلي والحفاظ عليه .
ومن جانبه ، أكد " بن جدو عطاء الله " مخرج و مصور رافق الفنان المرحوم أحمد بن بوزيد في كثير من الخرجات التصويرية الفنية، أن هذا الرجل الذي فقدته الساحة الفنية في الجزائر كان شخصية مرحة كثير الدعابة، همه الوحيد الحفاظ على الموروث الثقافي المحلي، كما يحمل في قلبه هموم الناس ولا يتأخر عن مساعدتهم.
كما أكد " بن بوزيد عطية " شقيق المرحوم و رئيس الجمعية صاحبة المبادرة التي تزامنت مع إحياء الذكرى الخامسة لوفاة الفنان " الشيخ عطاء الله " بأن هذا الفعل الثقافي جاء في إطار إحياء التراث ،مثلما كان يقوم به المرحوم طيلة حياته و ذكر ذات المتحدث أنه سيتم قريبا إعادة بعث "خيمة الشيخ عطاء" التي تعنى بالتراث حيث ستأتي بحلة جديدة لمواصلة ما كان يطمح له الفنان المرحوم أحمد بن بوزيد.
و تضمنت أشغال اليوم الأول من التظاهرة التي ستدوم يومين كاملين، إلقاء قصائد شعرية شعبية و تقديم وصلات إنشادية، و تكريم والدة المرحوم الفنان الشيخ عطاء من طرف والي الولاية عمار علي بن ساعد .
داحي سمراء
لا توجد تعليقات على هذا الموضوع