أخبار هامة
  www.eldjanoubelkabir.com    www.eldjanoubelkabir.com    www.eldjanoubelkabir.com    www.eldjanoubelkabir.com    www.eldjanoubelkabir.com    www.eldjanoubelkabir.com     www.eldjanoubelkabir.com     www.eldjanoubelkabir.com    www.eldjanoubelkabir.com  

رائد أغنية الطفل في الجزائر الفنان حسان بلعبيدي

الأربعاء 09 ديسمبر 2020
آخر تحديث : الأربعاء 09 ديسمبر 2020 موقع الجنوب الكبير  

حاوره: عبد الرحمان محامدية.

   يعد الفنان القدير "حسان بلعبيدي" ابن مدينة بسكرة رائدا بلا منازع في مجال أغنية الطفل على المستوى الوطني، فهذا الفنان وهب حياته كلها للبراءة فأطربها وأسعدهم بحفلاته وألبوماته العديدة وأغانيه الكثيرة التي لا يزال يحفظها و يرددها الكبار قبل الصغار، فمن منا لا يذكر أغنية " سائق السيارة " التي لا تزال تذكرنا إلى اليوم بالماضي الجميل و الفن الهادف، هذا الفنان البشوش المتواضع والمتميز التقينا به في مسقط رأسه عروس الزيبان بسكرة أين استضافنا في منزله وفتح لأسبوعية الجنوب الكبير قلبه و أعطانا من وقته للحديث عن واقع و آفاق أغنية الطفل في الجزائر .

 السيد حسان بلعبيدي:

ـ ما هو تقييمكم لواقع أغنية الطفل في الجزائر حاليا ؟

    صراحة أغنية الطفل مهمشة كثيرا في بلادنا و السبب أن هذا المجال غير مربح و الدعم الموجه إليه قليل جدا إن لم نقل شبه منعدم، فكل من يلج هذا العالم لا ينتظر منه أبدا الربح لأنه ببساطة رسالة و قضية تعطيها كل ما لديك ولا تنتظر منها شيئا، كما أن غياب الاهتمام الإعلامي بهذا المجال الفني جعله ينحصر ويتراجع رغم الحاجة الماسة إليه خصوصا في زمننا هذا أين خطفت العولمة أولادنا والدليل هو نسبة حضور الحصص المخصصة للطفل عبر جميع وسائل الإعلام و على رأسها القنوات التلفزيونية لا تتعدى حصة أو اثنتين في أحسن الأحوال.

ـ كيف يمكن معالجة أو تصحيح هذا الواقع المرير حسب رأيكم ؟

    نحتاج أولا وقبل كل شيء إلى اهتمام أكبر بالفن الموجه لأطفالنا وهنا وجب على الدولة وضع سياسة خاصة موجهة للأطفال، فأغنية الطفل هي في الأساس مجموعة رسائل هادفة يمكنها المساعدة في بناء شخصية الطفل الذي هو رجل المستقبل وعلى الدولة أن توظف أغاني الطفل لتكوينه تكوينا صحيحا ينسجم مع الشخصية التي نريدها لجيل المستقبل، كما وجب أيضا تنقية الساحة من الدخلاء حتى نترك أغنية الطفل لأهلها الحقيقيين ، فلا يمكن لمن هب ودب أن يصلح للغناء لفئة الأطفال بالنظر إلى حساسية هذه الفئة، كما يجب أيضا أن تكون الأعمال الفنية الموجهة للأطفال مدروسة بعناية شديدة و بإشراك المختصين حتى تتحقق الأهداف السامية من أغنية الطفل.

ـ من خلال تجربتكم الطويلة ما الشيء الذي يميز أغنية الطفل عن غيرها من الأغاني ؟

    أغنية الطفل، يا عزيزي، ليست مجرد كلمات و إيقاع موسيقي بل هي كل متكامل أساسه أن يعرف الجميع أن أغنية الطفل هي رسالة وقضية قبل كل شيء، فلا يمكنك كفنان أن تغني للطفل من خلال كلمات ككل الكلمات و لا بموسيقى مثل أي موسيقى أخرى، لأن أغنية الطفل تنطلق أساسا من الصدق الفني و صدق الإحساس ليتحقق التجاوب المطلوب بين الفنان و الطفل المستمع أو المشاهد او الحاضر في حفل ما، و هنا لا بد من التنويه يأن التعامل مع الطفل في مجال الفن يتطلب كذلك الذكاء الكبير و المعرفة الواسعة بخبايا علم النفس و علم النفس التربوي تحديدا و يجب أن يكون الفنان فنانا متكاملا يجمع بين الكلمات الهادفة و الصوت العذب و الموسيقى المعبرة و القدرة الفائقة على الجمع بين عديد الفنون حيث يجب عليك أن تكون مطربا و ممثلا و مهرجا و أبًا  حنونا أيضا حتى تلقى التجاوب في كل الحفلات و اللقاءات التي ستجمعك بجمهورك من الأطفال .

ـ معنى ذلك أنك كفنان يجب أن تحضّر نفسك جيدا و مطولا قبل مواجهة جمهورك ؟

    أكيد فالتحضير لحفل موجه للطفل يجبرك على أن تستنزف أضعافا مضعفة من الوقت المخصص لحفل عادي، فعندما تغني للطفل يجب أولا أن تراعي عاملي الزمان و المكان ثم نوعية الحضور. فتنشيط حفل في مدرسة ليس كالمسرح و لا كروضة أطفال ولا ساحة عمومية مغلقة أو مفتوحة، فعندما تغني مثلا في مسرح يجب أن تضع خارطة طريق خاصة و ناجحة حتى تستطيع النجاح في جلب اهتمام الجمهور الحاضر، و يتم ذلك من خلال جس نبض الأطفال ومرافقيهم حتى تستهدفهم بما يحبون وتشعر برغباتهم المعبر عنها صراحة في شكل هتافات و صيحات  أو الكامنة في داخلهم و تحاول الاستجابة لها من حيث لا يشعرون حتى يجدوا صدى في الأغاني التي ستقدمها و بالطريقة الأنسب و في مثل هذه الحالات لو يحقق الفنان نسبة 70 بالمائة من النجاح سيكون أسعد الناس و حفله ناجح بامتياز .

ـ السيد بلعبيدي ، الأكيد أن تطور المجتمع المعاصر و تغير الذهنيات سيما لدى الأطفال قد جعلكم كفنانين مختصين في أغنية الطفل تتغيرون و تغيرون أنتم أيضا إن صح التعبير ؟

    ( يبتسم ابتسامة عريضة ،،،، يصمت قليلا ثم يجيب ) ... كما تعلم أخي العزيز أطفالنا اليوم ليسوا أطفال الأمس و حياتهم اليوم و تفكيرهم و حتى أذواقهم تختلف كلية و هذا الأمر جعلني كفنان يريد النجاح و حققه أن يساير هذا التطور و هذه المتغيرات المرتبطة بالطفل . و أول ما وجب تغييره و مراعاته هو الجانب الموسيقي حيث توجب علينا كفنانين متخصصين في أغنية الطفل أن نجعل الموسيقى عصرية أكثر وفق متطلبات الحداثة و من ذلك توظيف الآلات الموسيقية الحديثة و الإيقاع الحديث و الخفيف و المقبول و المطلوب لدى الأطفال مع دمج كل ذلك بالكلمات الهادفة و الرسالة النبيلة التي تريد إيصالها إلى الطفل .كما أن أطفال اليوم أصبحوا بصريين أكثر و هنا توجب على الفنان أن يراعي جانب العرض جيدا حتى يجلب انتباه الطفل و يجعله يعيش الأغنية فيتأثر بها كل التأثر و هنا يكون الفنان قد حقق المبتغى . فصحيح أن كل ذلك يتطلب جهدا كبيرا و وقتا طويلا و لكن ، صدقني ، هكذا يجب أن يكون الفنان في عالم أغنية الطفل و غير ذلك مضيعة للوقت و خطر على الطفل و الفن الموجه له أصلا .

ـ سمعت أنكم خضتم خلال الأشهر الماضية و قبيل جائحة كورونا تجربة فريدة من نوعها وطنيا و عربيا و ربما حتى عالميا في مجال أغنية الطفل من خلال الغناء بعينين مغمضتين في حفل نشطتموه للأطفال المكفوفين ببسكرة ؟

    صحيح ... هي تجربة رائدة و فريدة بالنسبة لعالم الفن عامة و الفن الموجه للمعاقين خاصة ، حيث أذكر أنني عندما دعيت إلى تنشيط حفل في مدرسة صغار المكفوفين ببسكرة في إحدى المناسبات و عندما دخلت الركح و واجهة الأطفال وجها لوجه شعرت أنني لا يمكن أن أصل إلى قلوبهم و عقولهم و أنا لست مثلهم أي أنهم لا يبصرون كما أبصر و هنا قررت أن أغني مغمض العينين طوال الحفل و كم كانت سعادتي لا توصف و أنا أتصرف كما يتصرف هؤلاء الأطفال المكفوفون أي أنه كان علي أن أصبح مثلهم و كذلك فعلت و هو ما جعل هؤلاء الأطفال يتجاوبون معي و أنا أتفاعل معهم بطريقة لا توصف من حيث الروعة لتكون النتيجة نجاح كبير لحفل لن أنساه مدى الحياة . و منذ ذلك الحين و أنا أعتمد على هذه التجربة الفريدة التي علمتني كفنان أن الذي لا يشعر و يحس بالمستمع أو الجمهور الذي أمامه لا يمكنه أبدا أن يصل إلى قلبه و لا يمكنه أن يحقق التجاوب معه أبدا .

ـ فناننا المميز بلعبيدي ... ماذا لو عدنا بك إلى بداياتك و لو باختصار ؟

    بلعبيدي و بكل بساطة فنان جزائري ولد و ترعرع في أسرة أغلب أفرادها من الأسرة التربوية و بحكم قرب منزلنا من المدرسة كنت أعيش وسط الأطفال يوميا و جرس المدرسة برنينه المميز كان يدخل دارنا يوميا بلا استئذان لينمي فيّ حبّ الفن من حيث لا أشعر، و هذا الأمر شجعني فيما بعد على الانخراط في مجموعة صوتية في المدرسة المجارة لمنزلنا مع والدي و بعدها التحقت بفرقة الأمل للموشحات بقيادة عيسى هيبة سنة 1979 و في بداية الثمانينات دخلت فرقة أمواج الرمال التابعة لسونطراك حينها تحت قيادة القدير خليفة حمدي اين التقيت بعدة فنانين من أبناء المدينة لألتحق بعدها بفرقة الشروق . و في سن الشباب قررت الالتحاق بالتربية و التعليم كأستاذ موسيقى .و في كل هذه المراحل كنت أكتسب الجديد حتى أصبحت فنانا كما عرفني الجميع . و أول ألبوماتي ضمّ 6 أغاني بعنوان " مع الأحباب تحلى السهرية " و قبل ذلك كنت قد شاركت في ألحان و شباب و وصلت الى النهائيات مع الموسيقار الراحل معطي بشير .

ـ قبل الختام ...صراحة ماذا أعطتك أغنية الطفل ؟

    أعطتني كنزا لا يوصف ولا يقدر بثمن ألا وهو احترام و تقدير فئة لا تعرف الكذب ولا النفاق هي فئة الأطفال، فمحبة هؤلاء لا تنتهي بزوال سنهم و مرحلة طفولتهم بل تمتد أجيالا و راء أجيال بدليل أن شباب و كهولا ما زالوا يحتفظون لنا و إلى اليوم بكل الاحترام و التقدير و هم يغمروننا دوما بصدق مشاعرهم و محبتهم التي تعد بالدنيا كلها .

ـ أحسن تكريم حصلتم عليه في مشواركم كفنان لحد الآن ؟

    يضحك مطولا ...ثم يجيب ... صدقني لو قلت لك أن أحسن تكريم حدث لي ذات مرة في المدرسة الإبتدائية أين كنت أزاول عملي كمعلم موسيقى حيث كنا مع التلاميذ نقوم بعملية تزيين و تنظيم لحجرات المدرسة و إذا بي أنتبه إلى قائمة بها أسماء معلمي ذلك القسم و أنا منهم طبعا و لكن الغريب أن التلاميذ تعمّدوا خلق ترتيب جديد للأساتذة .. فالكل يعرف أن في مدارسنا بمختلف الأطوار يتم وضع أسماء أساتذة التربية الفنية و البدنية و حتى الشريعة في أسفل القائمة و باقي المواد تتنافس على رأس القائمة غير أن هؤلاء التلاميذ تعمدوا قلب القائمة رأسا على عقب و عندما سألتهم عن السبب أجابوني أننا نحب التربية الموسيقية و معلمها عندنا يستحق أن يكون الأول و هكذا فعلنا .. و هذا الموقف النبيل البريء لازلت أتذكره وهو عندي بالأمس واليوم وغدا أفضل تكريم لي لأن الفنان لا يحتاج إلا أن يوضع  في مكانته التي يستحقها و الباقي كله زائف و زائل .

 ـ كلمتك الأخيرة ؟

    هي ليست كلمة بل رسالة أوجهها للجميع من أجل الاهتمام أكثر بأغنية الطفل و دعم الفنانين المتخصصين في هذا المجال و من ذلك وجوب إعطاء حيز زماني أكبر للحصص المخصصة للأطفال و مراقبة هذه الحصص جيدا فالطفل صفحة بيضاء يجب أن لا نكتب فيها إلا كل شيء يخدم مستقبل هذا الطفل و يساعده على تكوين شخصيته التي نريدها قوية سليمة تطابق شخصية الجزائري التي نريدها، كما لا يسعني إلا أن أشكركم أنتم طاقم الجريدة على هذه الاستضافة اللطيفة، فلكم مني كل التشجيع و الشكر .

 
 
التعليقات  

لا توجد تعليقات على هذا الموضوع


ما رأيكم في مواضيع جريدة الجنوب الكبير؟