أخبار هامة
الاستاذ رابح خيدوسي:رغم مرور 67 عاما ، لكن الثورة الى الآن لم تحقق اهدافها
الثلاثاء 02 نوفمبر 2021
آخر تحديث : الثلاثاء 02 نوفمبر 2021
موقع الجنوب الكبير
حاورته داحي سمراء
"كاتب من طينة العظماء " هو تعبير مرّ على مسامعنا كثيرا ،لكنّنا اليوم نعيشه ثابتا لا يمرّ كثوب على مقاس هذا الرّجل الأديب ، المؤرّخ والصّحفي "الأستاذ رابح خدوسي " .
رجل يداعب القلم الأدبي في حقبات تاريخية مهمّة في الوطن ليسدّ لنا ثغرات ظلّت في ذاكرتنا الورقية اين اغفلها مؤرّخون قبله .
وقد خرج لنا بأعمال متناهية في دقّتها اين عشنا ساعة الثانية عشر من نوفمبر على لسان شهادات حيّة جمعها في كتاب واحد ، كما غصنا معه في حقبة فاخرة من تاريخ الجزائر أملا وألما في كتابه ألف صورة وصورة ،ليقوله فيه ما لم يقله التّاريخ.
استضفنا معنا هذه القامة لتشخّص لنا داء الدّراسات التّاريخية للثورة وتصف لنا الدواء.
بداية استاذ ، ماهو متعارف عليه انّ لكل ثورة منظّر ،والدّراسات تقول ان فرونس فانون هو منظّر الثورة ،بينما مصطفى لشرف ومحمّد حربي رحمهما الله يعتبران نفسيهما المنظّران لها،ما تعليقك على ذلك؟
الثورة هي ابنة الشّعب وبنت تراكمات كثيرة وينبغي ان نفرّق بين منظّر ومفكّر فيما يتعلّق بها.
الثورة الجزائرية انطلقت بناء على تراكمات النّظال المستمر ،وان كانت هناك افكار دفعت الثوّار لإعلان الحرب فهو الوعي بمعاناة الشّعب الجزائري وهمجيّة الإستعمار ،بالإضافة الى البعد الوطني التّحرّري وكذا نظال الأحزاب التي كانت موجودة آنذاك من نجم شمال افريقيا الى انتصار الحريّات الديمقراطية وغيرهما.
اضافة الى افكار جمعية العلماء المسلمين والتي كانت تبثّ الوعي بالإنتماء الحضاري تحت شعار "الإسلام ديني،الجزائر وطني،واللّغة العرببة لغتي"،وأغلب ابطال نوفمبر كانوا قد تعلّموا في مدارسها الحرّة امثال الشهداء العربي بن لمهيدي،العقيد عميروش،العربي التبسي وغيرهم.
فثورة نوفمبر جمعت كل الايديولوجيات والأفكار تحت هدف واحد هو الإستقلال واسترجاع السيادة.
فعلى حسب اعتقادي ان بيان اول نوفمبر وافكار جمعية العلماء المسلمين هما المنظّرين الوحيدين للثورة،امّا بقية التيّارات التي بدأت تطفوا على السطح كل ينطلق من قناعته ليقول انا منظّر فهي مجرّد افكار تغذّيها ايديولوجياتهم.
هل حان الوقت لنكتب تاريخ الثورة الجزائرية برؤية تاريخية محايدة بعيدة عن الايديولوجيا وتصفية الحسابات؟
فعلا ،قد حان الوقت لكتابة تاريخنا بأقلامنا نحن ،وهنا استذكر قول المؤرّخ بلقاسم سعد الله رحمه الله "نحن نصنع التّاريخ ولكننا لا نكتبه ".
خاصة وانّ المحتل الذي دخل في حرب إبادة للبشر في 83 يدخل حاليا حربا اخرى لإبادة امّة.
ومن هنا وجب علينا كتابة التّاريخ بعيدا عن المدرسة كولونيالية التي تمجّد فكرة الكيان الفرنسي وكذلك بعيدا عن الذّاتية المفرطة في التّأريخ واعني به التّاريخ الرّسمي الذي يشكّكون فيه.
ومع الـتّفتّح على الأرشيف وجب ايجاد تاريخ حقيقي بأقلام محايدة ،اين نكتب حتى الجانب السلبي للثورة حتّى لا نكرّر اخطاءنا.
هل انت مع من يقولون انّ مؤتمر الصومام يلغي بيان اوّل نوفمبر ؟
الثّورة منذ انطلاقتها متكاملة كصرح وطني شامخ ،لبنة فوق لبنة.
نحن لم نعش احداثها بل نستقي ممّا قالوه بين مؤيّدين ومعارضين للمؤتمر ،وهذه التّفاصيل لا اهمّية لها بل لنقل انّ مضارها اكثر من منافعها.
صحيح ان الأمة التي لا ماضي لها لا مستقبل لها لذلك وجب علينا معرفة تاريخنا بحيادية لا بنظرة تقديسه ،واذا ما وصلنا الى مثل هذه النّقاط الحسّاسة فقط يجب ان ندرك انّنا استقلينا بجهود الجميع فالإلتفات المفرط للوراء يجعلنا دائما في الخلف حيث تلتفّ رقابنا وها نحن نعيش خارج الزّمن الرقمي وتطوّرات العصر وهذا ما يجب تداركه.
هل ترى انّ الكتابات التّاريخية تساهم في بناء اللّحمة الوطنية او العكس خصوصا وانّنا لازلنا نصوّر الجزائر بعقلية الولايات التّاريخية السّت؟
الإشكالية لم تعد في الكتابات التّاريخية وان لم تكن كافية ،لكن الاشكالية هو عدم قراءة الموجودة منها وعدم استثمارها كما ينبغي.
فأغلب شبابنا وان لم نقل الغالبية السّاحقة لا يعرف تاريخه ،فلا المدرسة فعلت ولا وسائل الاعلام عرّفت به ولا المناسبات الوطنية تكفّلت بذلك ،اين بتنا نقف امام حلقة مفرغة بين المؤرّخ والمتلقي لا اكثر.
استاذ رابح خيدوسي كأديب ومؤرّخ ،برأيك كيف ساهم الأدب في قول مالم يقله التّاريخ الثّوري الرّسمي للجزائر؟
سؤال جوهري ومهم ،التاريخ والأدب او ماريعرف بالأدب التاريخي ،هما وجهان لعملة واحدة يكمّلان بعضهما البعض فالتّاريخ يرسّخ الأحداث كما هي بتفاصيلها وتواريخها ،بينما يقدّم لك الأدب التاريخ بمجاز ومتعة اين يميل اليه القارئ اكثر.
وهنا اشير الى ادباء الجزائر ، اذ تناولوا الثورة بقدر معلوم ولو انّهم قصّروا في بعض النّواحي كالتّاريخ المحلي للمناطق والمدن التي دارت فيها احداث شكّلت منعرجات مهمّة.
كما قصّروا في المجازر التي طالت وحروب الإبادة في الصلب الأدبي ،فرغم انّهما متكاملان لكنّهما ناقصان.
تمرّ الذكرى 67 لرصاصة الثانية عشر ،هل حقّقت الثّورة اهدافها؟
للأسف حقّقت الثورة هدفا واحدا وهو خروج الاستعمار الفرنسي ،ولكن لم يكن هذا هو حلم الشهداء بأن تخرج فرنسا من الحقول لتبقى في العقول.
لم نحصل على الاستقلال التام عن فرنسا والعدالة الاجتماعية والتي كانت البند الأول من بيان اول نوفمبر ،ولا التطور والازدهار الذي رسمه الشهداء في ذات البيان ،استقلالنا منقوص وهذه هي المشكلة.
تزاوج بين الأدب والتاريخ لسد الثّغرات التي تركها المؤرّخون في ذاكرتنا الورقية،حدّثنا عمّا ستقدّمه بخصوص ذلك؟
نعم في الغالب ازاوج بين الأدب والتّاريخ لتقديم ما لم تقدّمه اقلام مؤرّخين قبلي ،فتلك الثّقب الموجودة في ذاكرتنا لا اريد ان امرّ عليها واتركها بعدي.
اوّلا كتبت شهادات حيّة في منطقة متّيجة لمجاهدي اول نوفمبر ابطال السّاعة الاولى.
جمعت صورا نادرة تحت عنوان "ألف صورة وصورة من ايّام الثورة" وقد علقت عليها بأسلوب ادبي ثري كفيل بايصال الرّسالة التي اريد والتي ارادها شهداء رصاصة 12 .
كما تطرّقت للتّاريخ العلمي والأدبي في موسوعة العلماء والأدباء الجزائريين ،تناولت فيها 300 اسما في عدّة طبعات اين لقيت استحسانا كبيرا في وسط القرّاء.
و سأترك القارئ يكتشف اسرارا رائعة في كتابي القادم " البليدة مدينة الورود والبارود –تاريخ وحضارة-
ما رأيكم في مواضيع جريدة الجنوب الكبير؟
لا توجد تعليقات على هذا الموضوع