مدارس اللغات بولاية إيليزي: إستثمار في المعرفة
إعداد: بضياف مريم
تعودنا بولاية إيليزي أن نرى ونشاهد استثمارات وفتح محلات تجارية في مواد مختلفة على غرار المواد الغذائية ومواد البناء وغيرها ،غير أن استثمارا آخر يهتم بالفكر والمعرفة والعلم بدأت بوادره تظهر جليا من خلال افتتاح مدرستين لتعلم اللغات وهي مبادرات نالت شرف السبق في هذا المجال وتحديا للولوج إلى مجال جديد بولاية إيليزي حتى وإن كان له باع طويل في ولايات أخرى إنه استثمار المعرفة والعلم .
إقبال مشجع رغم حداثة التجربة:
إن الأبرز في تجربة مدارس اللغات بإيليزي هو الإقبال المقبول جدا سواء من قبل الصغار أو الكبار ومحو الاعتقاد السائد بأن الناس لا تسعى إلى تنمية مهاراتها بإيليزي وأن تجربة فتح مدارس للغات هو رهان خاسر ، غير أن تجربة السيدتين "تمام ساسية وجريري خيرة" أثبتت أن الاستثمار في المعرفة والعلم والتنمية الفكرية لا يقل شأنا عن الاستثمار في مشروع تجاري آخر حتى ولو كان الربح في الأول ليس كله مادي بالطبع ، فرغم قصر التجربة بالنسبة لمدارس اللغات بهذه الولاية إلا أن الإقبال مشجع جدا ومقبول ، وعامل الإرادة لدى السيدتين المشرفتين على هذه المبادرات ينبئ في قادم الأشهر أن هذه التجربة ستعزز بتكوينات جديدة موجهة للصغار والكبار .
مبادرات للسيدات غاب عنها الرجال:
لعل الملفت للانتباه هو مبادرة السيدتين في بعث هذه المشاريع التي يعتبرها الكثيرون مغامرة قد لا تكون ناجحة وهو ما أثبتت هذين السيدتين زيفه وعدم صحته فإرادتهن بينت أن الاستثمار في المعرفة مشروع حيوي وهام وضروري للمجتمع بل ما يحسب للسيدتين أنهما نالا قصب السبق في هكذا عمل ، ليس من ناحية ربحيته المادية ولكن في كونه ضروريا وهاما وحيويا في ترقية التفكير وتنمية الذات وتحسين المستوى العلمي والمعرفي لدى أبناء وبنات ولاية إيليزي ، ويؤكد المعنيان أن كل التجهيزات والهياكل والأدوات المستعملة في هذه المدارس هي من إمكانياتهما البسيطة دون اللجوء إلى أي دعم أو إعانة من أي جهة وما يلفت الانتباه أن السيدتين لهما مخططات واعدة لتطوير وتنمية مؤسستيهما وإدخال أنماط أخرى من التدريب والتكوين وحتى في جانب التأطير تسعى السيدتين إلى الاستفادة من الطاقات المتميزة، ليس فقط هنا بإيليزي ولكن حتى بعض الإطارات ممن يحاضرون ويشاركون في ملتقيات وندوات دولية، وللعلم أن السيدة تمام ساسية افتتحت مدرستها في جانفي 2020 وهي متواجدة بطريق عين الكورس في حين أن السيدة جريري خيرة تشتغل مدرستها منذ 2017 وهي متواجدة بحي 08 ماي.
مبادرات لاستدراك النقص في مستوى اللغات الأجنبية:
ما يعطى لهذه المبادرات الأهمية الكبرى أنها جاءت لتغطي وتستدرك النقص المسجل في مستوى اللغات الأجنبية سواء عند التلاميذ المتمدرسين أو حتى الكبار بولاية إيليزي فهذه المدارس تمنح الفرصة لكل المهتمين بتطوير مستواهم ليس في لغة أجنبية واحدة فقط ، ولكن في عدة لغات على غرار اللغة الانجليزية والألمانية لمن أراد ، وحتى تكاليف التعلم أو التكوين هي ملائمة جدا لكل الفئات والشرائح الاجتماعية واختيار التوقيت كذلك حيث يكون مناسبا سواء في نهاية الدوام اليومي أو في عطلة نهاية الأسبوع .وبإمكان هذه المدارس إذا ما اختارت أساتذة أكفاء لتأطير الراغبين لتحسين مستواهم سواء كانوا تلاميذ أو حتى موظفين من شان هذا الأمر أن ينعكس إيجابا على مستوى الجميع في اللغات الأجنبية وهو ما يعد إحدى النقائص التي يعانيها ليس فقط التلاميذ بل فئات كبيرة في المجتمع ليس في إيليزي فحسب ولكن في ولايات الجنوب عموما .
دورات تدريبية متنوعة ولكل الفئات الاجتماعية:
تقدم المدرستان دورات تدريبية في كافة المجالات فهما لم يستدركا النقص المسجل على مستوى اللغات الأجنبية فقط ،بل تعداه الأمر إلى تنظيم دورات في مجالات مختلفة كمجال التنمية البشرية والطاقة الشمسية ودورات الحساب الذهني حيث أوضحت السيدة تمام ساسية أن مدرستها تفتح دورات لكل المستويات و الأعمار باعتماد التكوين المكثف مدة خمسة أيام أو ممن تستغرق مدة شهرين مثل دورة تربص بائع صيدلي مشيرة إلى توقيعها لاتفاقيات مع غرفة الصناعة التقليدية ومع البيئة ومؤكدة أن بعض الشهادات معتمدة على غرار التكوين في الطاقة الشمسية ،من جهتها أبرزت السيدة جريري خيرة أن مدرستها نابعة من كونها أصلا أستاذة لغة انجليزية ثم عكفت على حضور دورات تدريبية للمدربين في العاصمة تخص التنمية البشرية ، وتضيف أن بداية المدرسة بدأت بتعليم أربع لغات فرنسية ، انجليزية ، ألمانية ، اسبانية ،بمساعدة بعض الأساتذة مستهدفة الفئة المعنية من تلاميذ المتوسط إلى الموظفين وتم فيما بعد توسيع النشاط إلى دورات في التنمية البشرية وتحفيظ القرآن ودورات في الذكاء –الذاكرة والطفل .ويتضح من خلال تصريح المعنيتين أن مجالات الاختيار في التعليم لم تبقى متعلقة باللغات فقط ، ولكن تم الخوض في مجالات أخرى للمعرفة مثل التنمية البشرية وغيرها .
ويبقى المجال مفتوحا لمبادرات أخرى:
ما قامت به السيدتان جريري خيرة و تمام ساسية ما هو إلا بداية ربما لفتح المجال وتنبيه الناس بولاية إيليزي بأن الاستثمار لا يقتصر على المواد الاستهلاكية فحسب ، بل توجد ميادين أخرى واعدة ممثلة في المعرفة والعلم والفكر، لا زالت بيئة خصبة للاستثمار ، فإذا كان الأول يستهدف قيمة مادية ربحية خالصة، فإن استثمار المعرفة هو أرقى درجات الربح في ترقية مستوى تفكير الفرد وتزويده بمختلف المهارات والقدرات التي تمكنه من صنع التطور والازدهار لمجتمعه .
لا توجد تعليقات على هذا الموضوع