أخبار هامة
النعامة:محطّة النّقوش الصخرية بـ "تيّوت" تتعرّض للتخريب
الثلاثاء 21 سبتمبر 2021
آخر تحديث : الأربعاء 22 سبتمبر 2021
موقع الجنوب الكبير
تيوت احدى بلديات ولاية النعامة والتي تبعد عنها ب 88 كلم جنوبا ، غنية بالنقوش الصخرية الأزلية تعود الى عصور قديمة جدا ومن بين المناطق السياحية القديمة ،تتميّز بمناخها المعتدل والموقع الجغرافي ممتاز ، تحتوي على مؤهلات سياحية تستحق الوقوف عليها والاهتمام بها، خاصة أنها تقع في منطقة تتربع على الواحات و النخيل ،كل هذه المميّزات جعلتها تستهوي الزوار والضيوف من كل ارجاء الوطن وحتى أجانب رغم الاهمال
من اهم هذه الكنوز السياحية نجد محطة الصخور المنقوشة أول اكتشــاف في العالم للنحت الحجري أو ما كان يسمى بـ " الحجرة المكتوبة " الاسم الأول الذي أطلق عليها من السكان الأصليين لهذه المنطقة والمكتشفين الأوائل لها، حيث تمّ اكتشافها في الحقبة الاستعمارية الفرنسية عند وصول قوات الاحتلال لمنطقة تيوت على يد الباحث "لفيليكس جاكو" الذي كان يرافق بعثة الجنرال " كافينياك " بتاريخ 24 / 04/ 1847، والذي نشر في بحثه أن تيوت تعدّ المحطة الأولى للرسومات الصخرية أو الصخور المنقوشة في منطقة الأطلس الصحراوي
الرسوم الموجودة على صخور هذه المنطقة ذات تقنيات كبيرة وتشمل مجموعة من الحيوانات التي عاشت بالمنطقة منذ زمن بعيد، كما تبين هذه الرسومات حضارات ما قبل التاريخ، تاريخ الانسانية القديم، وصراع الانسان مع الطبيعة
فهي منبين المتاحف المفتوحة على الهواء في العالم ، كما تعبر تعبيرا على الحياة المعيشية وعادات وتقاليد قاطنيها عبر العصور الغابرة ،لتكون بمثابة شهادات ذات قيمة تاريخية لا تقدر بثمن ، توارثتهـا شعوب متعاقبة ، تبرز نمط عيش الإنسان الأول وطقوسه وتقاليده
وقد يعتبر سكان تيوت هم من اكتشفوا هذا المتحف غير أنهم لم يجدو له تفسيرا ولا لهذه الرسومات الموجودة به ولا تحديد تاريخ هذه الحفريات أو اسباب وجودها، بل كل ما عرفوه هو صور للحيوانات الموجودة عندهم كالحيوانات الاليفة وحتى المتوحشة ، خاصة التي يصادفونها بجبلي عيسى ومكثر أو حيوانات أخرى يجهلونها، ومن هذه الحيوانات : الأسد، الغزال، النعامة، النمر، البقر.. وغيرها
هذه الروسومات تقع على هضبة صخرية رملية ذات لون أحمر شمال قصر تيوت وبعضها الآخر يقع في مواقع متفرقة هنا وهناك بهذه المنطقة
حيث عرفت محاولات عديدة لقراءتها وتقديم تفسيرات تاريخية وحضارية لها من طرف علماء فرنسيين اهتموا بها وتوصّلوا إلى نتائج تمثلت في أن تاريخ هذه الرسومات الصخرية بقصر تيوت يعود إلى العصر الحجري الحديث وهي لا تتجاوز الألفية الثالثة قبل الميلاد، وتعكس هذه الرسومات أنواع الحيوانات التي كانت موجودة في ذلك العصر، كما أنها لا تزال تحتاج إلى دراسات معمقة وقراءات متعدّدة لفهم أبعادها الدينية والفنية، ومن هنا يمكن القول، إن هذه الرسومات تعتبر جزءا من حضارة إنسانية واسعة عالمية وليست رسومات ذات طابع محلي فقط، خاصة وأنها أصبحت محل اهتمام عدد كبير من العلماء والباحثين عبر العالم
تيوت هذه المدينة الصغيرة أو التحفة السياحية كانت ولا تزال تسقطب أجانب من جميع الجنسيات للوقوف على أثارها كهذه الصخور المنقوشة، بشكل عجيب يدعو إلى الدراسة والتأمل
وحسب أحد الباحثين العرب في علم الآثار، فإن علماء الآثار الفرنسيين والباحثين الجزائريين لم يتمكنوا من تحديد أصول العناصر البشرية التي قامت بنقش هذه الرسومات على الصخور، كما انهم لم يفسروا هذه الرسومات الصخرية تفسيرا دينيا أو اجتماعيا، وإنما ركزوا في أبحاثهم على الجانب الكرونولوجي وعلى تقنيات الرسم، وعلى وصف الرسومات الموجودة، ولكن في الواقع هذه الرسومات كانت تعبر عن دلالات دينية واجتماعية وفنية، وربما كانت تدل على المعتقد الديني لتلك الأقوام، وعلى بداية التجمع البشري، واستمرار مرحلة الصيد، وما يلاحظ من خلال السهام التي كان يحملها الإنسان أنه كان في صراع مع هذه الحيوانات خاصة المفترسة كالأسود، لذا فالرسومات الصخرية بتيوت تحتاج إلى دراسات معمقة وقراءات متعدّدة لفهم أبعادها الاجتماعية والدينية والفنية
وبالرغم من أن هذه التحفة الفنية السياحية التي من شانها أن تكون فضاء ومكسبا هاما لهذه البلدية، بل الولاية ككل لو عرفت كيف تستغل أو تستثمر استثمار فعال، لربما كانت موردا هاما للمنطقة. إلا أنها للأسف الشديد لا تزال تتعرض للإهمال والتخريب والنهب والسرقة، خاصة من طرف بعض الطفيليين من خلال الكتابات الحديثة التي انتشرت على واجهتها وشوّهت منظرها ومحتواها. فبعض الزوار يتركون بصماتهم السلبية وغير الاخلاقية من خلال بعض الكتابات الشاذة سواء بالدهن أو بالنقش على هذه الصخور والتي انتشرت على واجهتها شوهت منظرها ومحتواها، كما أن النعامة متواجدة بالاطلس الصحراوي الذي يتميز بطقس خاص بارد شتاء تصل درجة حرارته الى تحت الصفر (مابين 0 درجة الى ـ 10 درجة) وحار صيفا (تصل احيانا الى 45 درجة او اكثر) وهذه التحولات المناخية أثرت سلبا على الطبيعة وعلى هذه المحطات الصخرية، كما أن كثير من هذه الكنوز الأثرية تعرضت للسرقة في وقت مضى من طرف زوار، خاصة القادمين من خارج الولاية، وبالتالي وجب دق ناقوس الخطر ووضع برنامج استعجالي لحمايته من الاندثار خاصة وانها متواجدة وسط مواقع سياحية هائلة، كما أن سكان تيوت يتطلّعون إلى عودة الانتعاش الذي عرفه النشاط السياحي بهذه المنطقة في السابق، والعناية بالمواقع الأثرية وتثمين المنتوج السياحي المحلي، وترقية مرافق الاستقبال، لاسيما أن منطقة تيوت تحصي 67 محطة للصخور، ومعالم أثرية غير محمية، بالتالي يمكن القول بأن بلدية تيوت بحاجة إلى مخططات تستهدف بعث المواقع السياحية والتراثية، من خلال تهيئتها وحمايتها وإعداد مخطط شامل، لتهيئة منطقة التوسّع السياحي وإعطاء القيمة التاريخية والسياحية للبلدة القديمة خاصة الصخور المنقوشة، كل ذلك من أجل إنعاش المورد الاقتصادي وتقليص البطالة بالمنطقة
داحي سمراء
ما رأيكم في مواضيع جريدة الجنوب الكبير؟
لا توجد تعليقات على هذا الموضوع